الزواج بنية الطلاق

الزواج بنية الطلاق هو أن ينوي الرجل الذي يريد الزواج أن يقوم بطلاق المرأة التي يرغب بزواجها بعد مرور فترة معينة،
كالرجل المسافر الذي يقوم بالزواج وفي نيته أن يطلق زوجته بعد أن يعود من غربته، والعلماء فيه على رأيين،
فمنهم من حرم هذا الأمر كون أنه يشابه زواج المتعة نتيجة تعلقه بمدة محددة،
ومن العلماء من حلله إذا لم يكن هناك شرط مكتوب في العقد يحدد مدة الزواج.
المذاهب الفقهية والزواج بنية الطلاق
حكم السادة الأحناف:
الأحناف يقولون أن الرجل إذا تزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها دون أن يتلفظ بذلك أو يخبر الزوجة ووليها،
صح عقد الزواج، وقد قال علي القاري في شرح النقاية
(أو تزوجها وفي نيته أن يقعد معها مدة معينة ثم يطلقها، ولم يتم ذكر ذلك في صريح عقد النكاح، كان هذا الزواج صحيحًا).
حكم السادة المالكية في الزواج بنية الطلاق:
روي عن الإمام مالك أنه قال: (إذا تزوج الرجل المرأة وفي نيته ألا يمسكها عنده،
وإنما يريد الاستمتاع بها مدةً من الزمن ثم يطلقها، فحكم الزواج صحيح، ولكن ليس من حسن أخلاق الناس أن يفعلوا ذلك).
حكم السادة الشافعية:
كما يرى الشافعية صحة الزواج في حال أضمر الزوج أو الزوجة أو كليهما نية الطلاق بعد مدة معينة،
بشرط ألا يتم التصريح بذلك مع كراهية هذا الفعل،
وقد قال الرملي (لا يجوز التصريح بتحديد مدة معينة للزواج سواءً كانت هذه المدة معلومة أو مجهولة،
لأن ذلك أصبح كزواج المتعة، وزواج المتعة كان مرخص به ثم حرمه رسول الله)،
وقال الشبراملسي (ولا يجوز التنويه لمدة الزواج في العقد، أما في حال تم التوافق على مدة معينة دون ذكرها في صريح عقد النكاح، صح عقد الزواج مع كراهية ذلك).
حكم السادة الحنابلة:
حرّم الإمام أحمد بن حنبل الزواج بنية الطلاق، وقد أجمع أئمة الحنابلة على هذا الرئي عدا ابن قدامة وابن مفلح،
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فله قولان قول بالجواز وقول آخر بعدم جواز ذلك.
القائلون بجواز الزواج بنية الطلاق
- النووي حيث قال: قال القاضي: (من نكح نكاحًا مطلقًا وكان بنيته ألا يمكث معها بشكل دائم،
فزواجه صحيح ولا يعتبر زواج متعة، لأن زواج المتعة يتم تحديد المدة كشرط من شروط عقد الزواج)،
وقال المالكي زواج صحيح ولكن ليس من أخلاق الناس. - وقال ابن قدامة: وإن تزوجها بغير شرط مكتوب، ولكن في نيته أن يطلقها بعد شهر،
أو بعد أن يقضي حاجته في البلد الذي هو فيه فزواجه صحيح ولا يعتبر زواج متعة، وهو قول جمهور العلماء.
أشهر من قال بأن الزواج بنية الطلاق غير صحيح هم:
- الأوزاعي: حيث قال إن الزواج بنية الطلاق هو زواج متعة و لا خير فيه حتى ولو لم يصرح بذلك.
- قال محمد رشيد رضى: هذا وإن تشديد العلماء على بطلان زواج المتعة، يقتضي حرمانية الزواج بنية الطلاق،
وذلك لأنه يعتبر غش للمرأة حتى ولو لم يشترط ذلك في العقد، لأن القول بصحته يجعل صحة زواج المتعة أولى،
وذلك لأن زواج المتعة يتم بالتوافق بين الرجل والمرأة ووليها، وليس فيه أي خداع أو غش. - حرمت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية الزواج بنية الطلاق وقالت: هو زواج مؤقت،
والزواج المؤقت يعتبر زواج متعة وزواج المتعة محرّم بإجماع العلماء،
حيث الصحيح أن يكون الزواج دائم وليس فيه نية الطلاق، فإن ناسبته الزوجة أبقاها على عصمته، وإلا طلقها،
قال الله تعالى(فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)
الموقف العام من الزواج بنية الطلاق
إن الموقف العام من موضوع الزواج بنية الطلاق هو عدم صحته، فقد قال بذلك مجلس الإفتاء الأوربي،
وكذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وقد تم تبرير ذلك بعدة أسباب:
- السبب الأول: إن الزواج في الشرع الإسلامي هو رباط مقدس بين الرجل والمرأة،
وقد سماه ربنا عز وجل بالميثاق الغليظ، فكيف يكون هناك مودة ورحمة،
وتكون الزوجة سكن للزوج، والزوج ستر وسند للمرأة، وقد كانت بداية الزواج هو الخداع والغش،
بحيث لو بيّن الرجل للزوجة أو لوليها ما يضمره من نية الطلاق بعد مدة معينة،
لقوبل بالرفض من الزوجة ووليها حتمًا، فالأصل بالزواج الوضوح والشفافية وإلا مُحقت البركة من هذا الزواج،
لذلك لا يليق بالمسلم أن يبطن خلاف ما يظهر، لأن هذا النوع من الزواج شاع بصورة كبيرة في الغرب،
حيث يقوم المسلم بالزواج أثناء فترة دراسته، فإذا أنهى دراسته قام بطلاق زوجته وعاد إلى بلده، حيث أن هذا السلوك يعطي صورة سيئة عن المسلمين في دول الغرب. - السبب الثاني: هو أن الزواج بنية الطلاق يتنافى مع القيم والمبادئ التي يحملها الزواج في الإسلام،
فالأصل في الزواج أن يستقر الزوجان ويبنيان أسرة صالحة تكون لبنة لبناء مجتمع مسلم متماسك ومتين،
فكيف يتحقق ذلك وقد نوى الرجل الطلاق قبل أن يتم الزواج أصلًا. - السبب الثالث: هو إهانة للمرأة، حيث جعل من المرأة مطية ووسيلة، يقوم الرجل باستخدامها وقضاء وطره منها،
وعند انتهاء حاجته يقوم بإلقائها دون أخذ أي اعتبار لشعور هذه المرأة وأحاسيسها. - اقرا ايضاَ : ” لماذا يكون طلب الطلاق فكرة سيئة ”